«ثول2».. تفاصيل بناء أول سفينة أبحاث إقليمية في السعودية
نشرت بتاريخ 17 سبتمبر 2024
تستهدف السفينة استكشاف نشأة البحر الأحمر وتاريخه الجيولوجي وتطوره عبر الزمن.. وفحص سواحله ومياهه العميقة
محمد السيد علي
أعلنت
جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) عن بدء مشروع بناء أول سفينة أبحاث
إقليمية في المملكة يُطلق عليها "ثول ٢"، ويُتوقع
أن تدخل الخدمة في عام 2027.
ومن
المقرر أن تتولى شركة "فراير لبناء السفن" تشييد السفينة في حوض بناء
السفن بمدينة "فيجو" الإسبانية، وتستهدف تمكين الباحثين من استكشاف
البحر الأحمر بعمق، بما في ذلك سواحله ومياهه العميقة، ما يفتح آفاقًا جديدةً أمام
الأبحاث العلمية المتعلقة بالبيئة البحرية والشعاب المرجانية والتكوينات
الجيولوجية.
وتُعد
"ثول ٢" خطوةً إستراتيجيةً ضمن رؤية السعودية 2030، وسيبلغ طولها 50 مترًا
وعرضها 12.8 مترًا، وعمق الغاطس 3.6 أمتار، وهي مصممة لتعمل لمدة 30 عامًا.
وبفضل
تصميمها المعياري وتقنياتها المتقدمة، ستكون السفينة قادرةً على مواجهة التحديات
البيئية والبحرية في المستقبل، بالإضافة إلى دعم جهود المملكة في إدارة الطوارئ
البحرية، مثل التسربات النفطية والحوادث البحرية.
"نيتشر
ميدل إيست" حاورت هيثم عبد المحسن الجحدلي -مدير المختبر المركزي للموارد
الساحلية والبحرية في (كاوست)- لإلقاء الضوء على أبرز أهداف "ثول ٢"
البحثية ومميزاتها وقدراتها.
إلى نص
الحوار:
ما هي
الأهداف البحثية لسفينة "ثول 2"؟
ستسهم "ثول 2" في دراسة التيارات البحرية في البحر الأحمر وتأثيرها على
التفاعل بين النظم البيئية، ما يعزز الفهم العلمي لتأثير هذه الحركات على البيئة
البحرية والتنوع البيولوجي.
كما ستُستخدم
في تحليل الحركات العمودية للمجتمعات الحيوية المختلفة، ما يساعد في فهم كيفية
توزيع الكائنات البحرية عبر أعماق مختلفة وأثر هذه الحركات على النظام البيئي.
وتستهدف
الأبحاث أيضًا استكشاف نشأة البحر الأحمر وتاريخه الجيولوجي وتطوره عبر الزمن، بما
في ذلك دراسة التاريخ الجيولوجي وتطور القشرة الأرضية في المنطقة؛ إذ يوفر البحر
الأحمر نموذجًا فريدًا لدراسة العمليات الجيولوجية التي تؤدي إلى نشوء المحيطات،
مثل التمدد القاري والتصدعات القشرية، وهذه الأبحاث ستسهم في تقديم رؤى علمية مهمة
حول ديناميكيات تكوين المحيطات وتطور الأرض.
وستمكن
السفينة الباحثين من جمع عينات من المياه والرواسب والكائنات البحرية لدراسة
مكوناتها الكيميائية والبيولوجية، ما يسهم في فهم التغيرات البيئية وتأثيراتها على
الحياة البحرية، واستكشاف البيئات العميقة في البحر الأحمر، ما يساعد على اكتشاف
الكائنات غير المعروفة وتوثيق التنوع البيولوجي الفريد في أعماق البحر.
ما
القدرات الرئيسية التي تميز "ثول 2" عن السفن البحثية الأخرى عالميًّا؟
تتميز
"ثول 2" بقدرات فريدة، أبرزها تصميمها المخصص للعمل في البحر الأحمر؛ إذ
روعي في تصميمها الخصائص الفيزيائية للمنطقة، مثل حركة الأمواج والتيارات السطحية
واتجاهات الرياح التي تمت دراستها على مدى السنوات العشر الماضية.
وصُممت
السفينة أيضًا لتكون متعددة الاستخدامات، ما يتيح لها خدمة تخصصات بحثية متنوعة
باستخدام تجهيزات مختبرية متقدمة، بالإضافة إلى ذلك، تتمتع بقدرات تكاملية مع
أنظمة بحثية متطورة مثل المركبات المسيرة والغواصات، ما يعزز من قدرتها على تنفيذ
الأبحاث البحرية المُعقّدة، ويدعم الأبحاث المُبتكرة على مستوى عالمي.
كيف تسهم
"ثول 2" في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030؟
تسهم "ثول
2" إسهامًا كبيرًا في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030؛ فبفضل قدراتها العالية،
ستمكّن السفينة المملكة من تحقيق فهم شامل لطبيعة البحر الأحمر وبيئته، وتطوير إستراتيجيات
مستدامة لاستخدام موارده، كما ستدعم جهود هيئة تطوير البحث العلمي والابتكار، ما
يعزز مكانة المملكة بوصفها مركزًا عالميًّا للبحوث البحرية والعلوم المُتقدّمة، ويمكِّن
الأجيال القادمة من الاستفادة من الفرص البحثية والابتكارية.
حدثنا
عن أنواع المختبرات التجريبية ومعدات البحث التي ستحملها "ثول 2"؟
تضم
سفينة الأبحاث "ثول 2" مختبرات متخصصة تشمل مختبرات علم المحيطات
الفيزيائي والكيميائي، لتحليل خصائص مياه البحر مثل درجة الحرارة، والملوحة،
وتركيز العناصر المغذية، والغازات الذائبة، وكذلك مختبرات علم الأحياء البحرية،
لدراسة الكائنات البحرية وتنوعها البيولوجي، من العوالق إلى الأسماك والشعاب
المرجانية، مع إمكانيات تحليل الحمض النووي، ودراسة التفاعلات البيئية، كما تضم مختبرات
للجيولوجيا البحرية تحتوي على معدَّات لدراسة قاع البحر وأخذ عينات من الرواسب
لفهم العمليات الجيولوجية والتكتونية التي تؤثر على تكوين البحر الأحمر.
وهناك
أيضًا مختبرات التحليل البيئي، المجهزة لتحليل الملوثات البيئية المختلفة، بما في
ذلك البلاستيك الدقيق والملوثات العضوية والمعادن الثقيلة.
وتتضمن
معدات الاستكشاف العميق في "ثول 2" غواصات مُسيّرة تحت الماء، ومركبات
تعمل عن بُعد، لاستكشاف البيئات العميقة والتقاط الصور والفيديوهات وجمع العينات
من المناطق التي يصعب الوصول إليها، كما تشمل أجهزة مسح بحري مثل السونار وأنظمة
المسح الجيولوجي، توفر بيانات دقيقة عن التضاريس البحرية، وتساعد في دراسة الأحواض
العميقة والتكوينات الجيولوجية تحت سطح البحر.
كيف
يسهم التصميم المعياري وتقنيات الدفع الخضراء في تعزيز تشغيل واستدامة "ثول
2"؟
يعتمد
تصميم "ثول 2" على نظام دفع هجين، يجمع بين مولدات كهربائية ونُظُم دفع
كهربائية، ما يقلل الانبعاثات الكربونية مقارنةً بمحركات الديزل التقليدية، ويوفر
هذا النظام توازنًا مثاليًّا بين كفاءة الطاقة والقدرة التشغيلية، ويضمن تشغيلًا
هادئًا منخفض الضوضاء، وهذا يُفيد بشكل خاص في الأبحاث التي تتطلب تقليل الضجيج،
مثل دراسة تجمعات السمك.
إن إمكانية
ربط نُظُم التشغيل الكهربائي للسفينة بمحطات اختبارية لتوليد الطاقة البديلة تتيح تجربة
أنواع مختلفة من الطاقة المتجددة، ما يعزز الكفاءة والاستدامة، ويوفر التصميم
المعياري للسفينة مرونةً في تحديث النظام أو تعديله لتلبية التطورات التقنية
المستقبلية، مما يعزز كفاءتها وقدرتها على التكيُّف مع التغيرات البيئية
والتكنولوجية.
وبشكل
عام، يسهم دمج تقنيات الدفع الخضراء والتصميم المبتكر للسفينة في تحقيق أهداف
بيئية أكثر طموحًا، ويوفر أداءً فعالًا ومُستدامًا على المدى الطويل.
ما هو
دور السفينة في حالات الاستجابة للطوارئ مثل الانسكابات النفطية والحوادث البحرية؟
القدرة
على جمع البيانات والعينات بدقة وسرعة تجعل من سفينة الأبحاث "ثول 2" أداةً
أساسيةً في الاستجابة للطوارئ مثل الانسكابات النفطية والحوادث البحرية، وهذا
سيتيح للعلماء إجراء تحليلات دقيقة لتلك البيانات والعينات في مختبرات (كاوست)، وقياس
الأثر البيئي للحوادث، وتوفير معلومات حيوية تسهم في توجيه وتخطيط عمليات مكافحة
الانسكابات والسيطرة عليها.
كيف
تدعم "ثول 2" البحث البحري في المملكة؟
"ثول
2" ستدعم البحث البحري للجامعات والمؤسسات البحثية في المملكة بشكل كبير،
وباعتبارها من الأصول البحثية الوطنية، ستكون السفينة مُتاحةً للباحثين ضمن الإطار
الوطني للوصول المفتوح إلى البنية البحثية العلمية في المملكة، والمعتمد من هيئة
تطوير البحث العلمي والابتكار.
وبفضل
إمكانياتها المتقدمة، ستتمكن الجامعات والمؤسسات من التخطيط وتنفيذ الدراسات
البحرية التي كانت تواجه تحديات تشغيلية في السابق، وستتيح السفينة إجراء أبحاث
متعمقة في البيئات البحرية.
هل
ستكون السفينة مُتاحةً للباحثين والعلماء من دول أخرى بالمنطقة أو خارجها؟
نعم،
ستُتاح سفينة الأبحاث "ثول 2" للباحثين والعلماء من دول أخرى في المنطقة
وخارجها، وستتم إدارة وتنفيذ خطة التشغيل للسفينة سنويًّا من قِبل فريق فني في
المختبر، وذلك عبر منصة لتقديم الطلبات البحثية، حيث تتم مراجعة الطلبات وتقييمها
لضمان الاستخدام الأمثل لإمكانيات السفينة، وتجدر الإشارة إلى أن جامعة الملك عبد الله
للعلوم والتقنية عضو في منظمة مشغلي سفن الأبحاث الدوليين، وجمعية سفن الأبحاث غير
الربحية، مما يعزز التنسيق بين الجهود البحثية البحرية عالميًّا.
تواصل معنا: