اكتشاف أقدم مسار بشري في شمال إفريقيا وجنوب المتوسط
نشرت بتاريخ 13 فبراير 2024
استخدم الفريق علم حفريات الأثر والجيولوجيا الساحلية والجيومورفولوجيا لفهم التطور الرسوبي للموقع
شروق الأشقر
في سواحل
مدينة عرائش المغربية على المحيط الأطلسي، نجح فريق دولي في اكتشاف مسار بشري يعود
إلى عصر البليستوسين المتأخر، أي منذ 90 ألف سنة.
نُشر الكشف في مجلة ساينتفك ريبورتس (Scientific
reports).
أشار
منصف سيدراتي -عالِم جيولوجيا المحيطات بجامعة بريست بفرنسا والمؤلف الرئيسي
للدراسة- في حديثه لنيتشر ميدل إيست إلى أنه تم العثور على 85 بصمة لأقدام بشرية، "استخدمنا
مجموعة متنوعة من التقنيات لدراسة هذه الآثار بشكل دقيق".
عثر
الفريق على آثار الأقدام دون سابق تدبير، كان العلماء يدرسون الصخور الكبيرة
بالقرب من المحيط، إذ لاحظوا بروزًا في ممر من الرمال القريبة، وبعد التحقق تبيَّن
أنها بصمات لأقدام بشرية.
تُوفر
آثار الأقدام معلومات مباشرة عن بيولوجيا الأفراد الذين تركوها وحركتهم وسلوكهم، وقال
عبد الواحد لكناوي -عالِم حفريات الأثر بجامعة الحسن الأول بالمغرب- في تصريحات لـ"نيتشر
ميدل إيست": "تمكِّن دراسة حفريات الأثر العلماء من معرفة بعض السلوكيات
التى تعجز الحفريات الحقيقية عن توضيحها، مثل طريقة المشي ووضعية الحوض"، وأضاف
لكناوي أن اكتشاف هذه البصمات في مساحة 2 كم2 تقريبًا أعطى نظرة ثاقبة حول سلوكيات
الإنسان العاقل منذ عشرات الآلاف من السنين، وحول معيشته هل كان في مجتمعات وقبائل
أم منفردًا".
أضاف سيدراتي:
إن التركيبة التي تُظهرها آثار الأقدام قد لا تشمل كامل المجموعة الاجتماعية التي
سكنت المنطقة، بل شريحة منها"، ويفسر: "الإنسان العاقل من عصر
البليستوسين كان في الغالب صيادًا وجامع ثمار، فمن المتصور أن الأفراد تركوا آثار
أقدامهم في أثناء بحثهم عن الموارد البحرية في العرائش، وانضم الصغار إليهم في
البحث عن هذه الموارد".
كشف نادر
أظهرت
الدراسة أن بصمات الأقدام تعود إلى خمسة أشخاص، يُعتبر العثور على آثار أقدام لبشر
عاشوا منذ آلاف السنين أمرًا نادرًا للغاية؛ لأنها سرعان ما تنمحي.
وفق لكناوي،
ما أسهم في تحفُّر آثار الأقدام تلك هو مشي هذه المجموعة على الرواسب الرملية
شديدة النعومة، ومن بعدها تماسُك الحبيبات الرملية بمادة لاحمة جيرية سرعان ما
تغطت بكتل رملية أخرى حافظت على الآثار دون زوالها.
تُلقي هذه
الدراسة الضوء على خريطة انتشار الإنسان العاقل في إفريقيا، وما إذا كان هناك
علاقة بين شمال المتوسط وجنوبه، إذ تم اكتشاف آثار لأقدام الإنسان في اليونان، ويؤكد
لكناوي أهمية العمل على دراسات موازية متعمقة حول ماهية الغطاء النباتي وتوافُر مصادر
المياه لحل شفرة تجمُّع هذه المجموعة في هذه المنطقة الساحلية من مدينة العرائش، فمتطلبات
الإنسان الرئيسية في هذه الحقبة الزمنية كانت المأكل والمشرب والحماية، وقد يفسر هذا
أن أغلب الهياكل البشرية التي تم اكتشافها في المغرب كانت داخل مغارات".
بعد
إدراك أهمية هذا الكشف، قام الفريق البحثي بتنفيذ منهج دراسة منظم لتوضيح أصول
آثار الأقدام، كما يعمل الفريق حاليًّا على توسيع تحقيقاته لتشمل العديد من الآثار
الإضافية على الموقع، "الهدف هو إقامة روابط مستقبلية بين علم المناخ وتغيرات
مستوى سطح البحر والأنشطة الاجتماعية من جهة، وتجمُّع الإنسان العاقل في هذا
الموقع الأثري من جهة أخرى"، وفق سيدراتي.
تواصل معنا: