دراسة استهدفت 170 ألف بئر و1693 طبقة مياه جوفية تؤكد فاعلية الإدارة الاستباقية في الحد من تسارُع استنزاف خزانات المياه الجوفية حول العالم
محمد السيد علي
ذكرت دراسة أجراها باحثون بجامعة
كاليفورنيا الأمريكية أن الإدارة الاستباقية للمخاطر يمكنها الحد من الاتجاهات
المقلقة بشأن استنزاف المياه الجوفية على مستوى العالم.
وأوضحت الدراسة التي نشرتها دورية
"نيتشر" (Nature)
أن "عمليات الري تمثل حوالي 70٪ من سحب المياه الجوفية، لكن بعض المناطق نجحت
في عكس هذا الاتجاه من خلال الإدارةالاستباقية، التي تساعد
على تحديد المخاطر المحتملة والتخفيف منها قبل حدوثها".
تقول ديبرابيروني -الأستاذة المشاركة في برنامج الدراسات البيئية بجامعة
كاليفورنيا، والباحثة الرئيسية للدراسة- في تصريحات لـ"نيتشر ميدل
إيست": الاستخدام المفرط للمياه الجوفية يؤثر سلبًا على مستوياتها وتخزينها،
ويحد من قدرة البشر على الوصول إلى مصادر موثوقة للمياه.
ويضيف محمدشامسودوها -الأستاذ بمعهد الحد من المخاطر والكوارث في جامعة كوليدج
لندن، والمشارك بالدراسة- أن "تسرب مياه البحر يمكن أن يلوث طبقات المياه
الجوفية الساحلية، أما هبوط الأرض فيؤدي إلى إتلاف البنية التحتية وإغراق
المجتمعات الساحلية".
ويقول "شامسودوها" في
تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": استنزاف المياه الجوفية على نطاق واسع
يؤثر تأثيرًا كبيرًا على الأمن المائي والغذائي في البلدان الواقعة ضمن مناخات شبه
قاحلة وقاحلة.
حلل الباحثون اتجاهات مستويات المياه
الجوفية في أكثر من 170 ألف بئر و1693 طبقة مياه جوفية في أكثر من 40 دولة.
وأظهرت النتائج أن انخفاض مستوى
المياه الجوفية تسارع على مدى العقود الأربعة الماضية في 30٪ من طبقات المياه
الجوفية، خاصةً بالمناطق القاحلة ذات الأراضي الزراعية الواسعة.
ويعلق محمد يوسف -أستاذ
جيولوجيا المياه والاستشعار من بُعد، ورئيس قسم الجيولوجيا بمركز بحوث الصحراء في
مصر- بأن الدراسة كشفت عن علاقة واضحة بين الانخفاض السريع في مستوى المياه
الجوفية وتغيُّر المناخ.
يضيف "يوسف" في تصريحات
لـ"نيتشر ميدل إيست": 80٪ من الخزانات التي شهدت انخفاضًا متسارعًا في
مستوى المياه كانت تشهد انخفاضًا في هطول الأمطار بمرور الوقت، ومن الممكن
مستقبلًا أن يؤدي انخفاض هطول الأمطار إلى انخفاض مستويات المياه الجوفية، نتيجة
زيادة استخراج المياه الجوفية في أثناء الجفاف، وانخفاض معدلات التغذية خلال
الجفاف.
وفي المقابل، ذكر الباحثون أن
"خسائر المياه الجوفية ليست حتمية؛ إذ تباطأ انخفاض مستويات المياه الجوفية
في 20% من الآبار، وانعكس في 16% منها".
وأوضحوا أن "هناك ثلاثة مسارات
للتعافي قابلة للتعميم هي: تغيير سياسات استخدام المياه الجوفية، ونقل المياه بين
الأحواض، وإعادة تغذية طبقات المياه الجوفية بشكل مُدار".
يقول سكوت جاسشكو، الباحث المشارك
بالدراسة من كلية برين للعلوم البيئية والإدارة بجامعة كاليفورنيا: شهدت بعض
المناطق انتعاشًا في مستويات المياه الجوفية بفضل تغيرات في السياسات أو توافُر
إمدادات جديدة من المياه السطحية، مما ساهم في استبدال استخدامات المياه الجوفية".
وتكمل هذه الدراسة بحثًاسابقًا أجرته "بيروني" و"جاسشكو" في عام 2021
لرصد الآبار.
وترى "بيروني" أن
"هناك فرصًا لتحقيق الإدارة المستدامة للمياه الجوفية، مثل إنشاء أسواق
للمياه تدعم الاستخدام العادل والفعال للمياه الجوفية، بالإضافة إلى استخدام
المياه الزائدة لإعادة تغذية طبقات المياه الجوفية".
ويؤكد "يوسف" أهمية
إدارة المياه الجوفية بشكل علمي في الدول التي تعتمد على الزراعة واسعة النطاق،
وتحديد إمكانيات الخزانات الجوفية واستدامتها، وتخفيف استهلاك المياه الجوفية عن
طريق نقل المياه السطحية وتخزينها، مع الاستفادة من مياه السيول والأمطار بأقصى
قدر ممكن".
تواصل معنا: