تضافُر الجهود الدولية قد ينقذه من الإجهاد الحراري المُتصاعد واستنزاف المغذيات وتلوث المعادن
محمد السيد علي
يُعد
البحر الأحمر أحد أكثر أحواض البحار سخونة، كما أنه بحر شبه استوائي وفقير
بالعناصر المغذية الضرورية لدعم التنوع البيولوجي في البيئة البحرية.
وكشفت
دراسة حديثة نشرتها دورية "كوميونيكيشنز إيرث آند إنفيرونمنت" أن "البحر
الأحمر يشهد تغيرات بيئية مُثيرة للقلق نتيجة تفاقُم ظاهرة الاحتباس الحراري، وتراجُع
توافُر المُغذيات، وزيادة التلوث المعدني".
وأكدت نتائج
الدراسة الحاجة إلى تضافُر الجهود الدولية
لحماية النظم البيئية في البحر الأحمر.
ويعتمد
البحر الأحمر اعتمادًا أساسيًّا على المغذيات من الخلط العمودي في الشمال، وتدفق
الرياح الأفقية من المحيط الهندي في الجنوب، ويتم خلط المياه السطحية الدافئة مع
المياه العميقة الباردة، مما يجلب العناصر المغذية من القاع إلى السطح، أما الرياح
الموسمية الجنوبية الغربية فتجلب المياه الغنية بالمغذيات من المحيط الهندي إلى
البحر الأحمر.
يقول
تشونزي كاي -قائد فريق البحث بمركز أبحاث البحر الأحمر في جامعة الملك عبد الله
للعلوم والتقنية- لـ"نيتشر ميدل إيست": تشير الدراسة إلى دور المحيط
الهندي باعتباره مصدرًا رئيسيًّا للمغذيات، مثل الكربون العضوي والنيتروجين
والفوسفور، والمعادن النزرة للبحر الأحمر مثل الحديد والنحاس والزنك.
تحليل
الرواسب
حلل
الباحثون عينات من الرواسب تم جمعها على أعماق تصل لـ1050 مترًا من موقعين بالبحر
الأحمر، وركزوا على رصد تركيزات 15 عنصرًا ومعدلات تراكُمها على مدار 500 عام.
وأظهرت
النتائج انخفاضًا كبيرًا في تركيزات المغذيات في جنوب البحر الأحمر بعد سبعينيات
القرن التاسع عشر، مرجحةً أن ذلك قد يكون ناتجًا عن انخفاض تدفق المغذيات من
المحيط الهندي، وقد يتزايد هذا التأثير بسبب ارتفاع درجة حرارة المحيطات.
بالمقابل،
شهد شمال البحر الأحمر زيادةً في العناصر النزرة بعد سبعينيات القرن التاسع عشر،
مما يشير إلى زيادة الأنشطة البشرية على طول الساحل، مثل التصنيع والتحضر والنمو
السكاني.
ويطلق
"كاي" على هذه الظاهرة مصطلح (CAMCC) لوصف الإجهاد الحراري المُتصاعد، واستنزاف
المغذيات، وتلوث المعادن في البحر الأحمر، ما يسلط الضوء على المخاطر المحتملة على
أنظمته البيئية وتأثيرها العالمي.
ويشير
"كاي" إلى أن ارتفاع حرارة المحيطات يسبب تبييضًا هائلًا للمرجان في
البحر الأحمر بسبب الإجهاد الحراري، ويؤدي إلى تقليل إمدادات المغذيات للبحر
الأحمر.
وبالإضافة
إلى ذلك، فإن تركيزات المعادن النزرة مثل النحاس يمكن أن تقيد العمليات البيولوجية
في المرجان وتزيد من ضعفه في مواجهة الإجهاد الحراري.
ويؤثر نقص
المغذيات في البحر الأحمر على الكائنات البحرية، مثل الشعاب المرجانية والأعشاب
البحرية والطحالب والهائمات البحرية، ويؤدي إلى نقص في إنتاجية الأسماك وتأثير
سلبي على سلسلة الغذاء في البيئة البحرية"، وفق وحيد إمام، أستاذ العلوم
البيئية بجامعة عين شمس في مصر.
توصيات
للتخفيف
ويؤكد "كاي"
أهمية اتخاذ إجراءات فورية لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وتبنِّي التقنيات
النظيفة لتقليل التلوث الناتج عن الأنشطة البشرية والحفاظ على التنوع البيولوجي في
البحر الأحمر ومواجهة التحديات البيئية العالمية في المحيطات.
يقول "إمام"
في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": يجب تكثيف الجهود الدولية لحماية
الشعاب المرجانية والحد من التلوث البيئي، من خلال مراقبة نشاط السفن والمراكب
والحد من إلقاء الزيوت والملوثات في البحر، وضمان تنظيم الأنشطة السياحية ومكافحة
الصيد الجائر.
وحذرت دراسات سابقة من ارتفاع درجات الحرارة في البحر
الأحمر بمعدلٍ ما يؤثر سلبًا على المرجان ويقلل من توافر المغذيات، ويؤدي في
النهاية إلى نقص الغذاء للكائنات البحرية.
تواصل معنا: