لماذا تنتشر اضطرابات النوم بين طلاب الطب في الشرق الأوسط؟
محمد السيد علي
صُنفت
قلة النوم، التي تؤثر على حوالي ثلث سكان العالم،
باعتبارها "وباء للصحة العامة"؛
لارتباطها بمجموعة واسعة من المشكلات الطبية، تتضمن ارتفاع ضغط الدم، والسكري،
والاكتئاب، والسمنة.
كشفت دراسة نشرتها دورية
"ساينتفك ريبورتس" أن "اضطرابات النوم شائعة بين طلاب كليات الطب
بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
وحدّد
الباحثون عدة عوامل مرتبطة بزيادة خطر اضطرابات النوم بين طلاب الطب، من بينها
الاستخدام المفرط للإنترنت والقلق.
في
تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست"، تقول سنية شعبان، المحاضِرة في علوم الصحة
السكانية في وايل كورنيل للطب- قطر، والباحثة الرئيسة للدراسة: هذه هي أول مراجعة
منهجية وتحليل تلوي يركّز على اضطرابات النوم بين طلاب الطب في منطقة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا، فطلاب الطب في المنطقة يعانون في الغالب من اضطرابات النوم التي
إما أن تجعلهم يشعرون بالنعاس الشديد في أثناء النهار، أو تسبّب الأرق ليلًا.
22 دراسة
أجرى
الفريق مراجعةً منهجيةً وتحليلًا تلويًّا لبيانات 22 دراسة شملت طلاب طب في 5 دول
بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي مصر والأردن والمملكة العربية السعودية
والمغرب وباكستان، لاكتشاف مدى انتشار اضطرابات النوم والعوامل المرتبطة بها.
أُجريت
هذه الدراسات بين عامي 2013 و2019، ونُشرت بين عامي 2015 و2021، وشملت طلابًا تتراوح
أعمارهم بين 20 و23 عامًا، وتراوح المشاركون في كل دراسة بين 122 و1041 طالبًا.
أظهرت
النتائج أن النعاس الشديد في أثناء النهار هو الأكثر شيوعًا بين طلاب الطب في
المنطقة؛ إذ تراوحت نسبة انتشاره بين 30,9% في الأردن و62,5% في السعودية، يليه
الأرق الذي تراوحت نسب انتشاره بين 30,4% في الأردن و59,1% في المغرب.
وجاءت
اضطرابات النوم والاستيقاظ بنسب انتشار تتراوح بين 13,5% في الأردن و22,4% في
السعودية، تليها اضطرابات التنفس المرتبطة بالنوم بنسب تتراوح بين 12,2% في الأردن
و22,5% في باكستان.
وفي
المرتبة التالية جاءت اضطرابات الحركة المرتبطة بالنوم بنسب انتشار تتراوح بين
5,9% في مصر و30,6% في السعودية، وأخيرًا جاءت "الباراسومنيا" بنسب انتشار تتراوح بين 5,6%
في الأردن و17,4% في السعودية.
وحدّدت
الدراسة أيضًا المجموعات المعرّضة لخطر اضطرابات النوم، وهم طلبة السنوات
الأكاديمية المتقدمة، والطلاب الذين يعانون من القلق، والطلاب الذين يستخدمون
الإنترنت بإفراط (لأكثر من 12 ساعة)، وأولئك الذين يعانون من ضعف الأداء
الأكاديمي.
أعباء أكاديمية
يقول
أحمد عرفة -الباحث بقسم الصحة العامة وطب المجتمع في كلية الطب بجامعة بني سويف في
مصر، وغير المشارك بالدراسة- في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": "يُظهر
طلاب الطب مستوياتٍ متزايدةً من التوتر والقلق، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض
القلب والأوعية الدموية، وهذه الدراسة كشفت عن انتشار اضطرابات النوم بين طلاب
الطب بالمنطقة، وهي أحد عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية".
وكانت دراسة سابقة قد كشفت أن طلاب الطب يواجهون
أعباء أكاديمية كبيرة وواجبات سريرية تشمل مناوبات ليلية، قد تتعارض مع نومهم؛ ما
يسهم في ضعف جودة النوم لديهم.
وأكدت "شعبان"
ضرورة توفير تدخلات للمجموعات المُعرّضة للخطر، بهدف تعزيز صحة الطلاب ورفاهيتهم
ونجاحهم الأكاديمي؛ إذ يمكن لخدمات رفاهية الطلاب أن تساعد في إدارة النوم المضطرب
والتعامل مع آثاره.
وأوصت
بالتركيز على التثقيف حول النوم، ومراقبة السلوك المعرفي، وتقنيات الاسترخاء،
خاصةً خلال فترة التدريب السريري، وكلها تدخلات قد تساعد طلاب الطب على تحسين
نومهم.
تواصل معنا: