يحل المؤشر مشكلات قلة الدقة وضعف الوصول إلى البيانات ويعزز التعاون بين الحكومات والمؤسسات البحثية البيئية في تونس والمغرب والأردن ولبنان
محمد السيد علي
تعتمد طرق
المراقبة التقليدية للجفاف بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على المؤشر الموحد
لهطول الأمطار، وغالبًا ما تواجه مشكلات تتعلق بالدقة وتوافر البيانات.
لمواجهة
المشكلة، طوّر باحثون دوليون مؤشرًا لمراقبة وإدارة الجفاف في المنطقة، يتم إعداده
شهريًّا بواسطة الوكالات الحكومية في الأردن ولبنان والمغرب وتونس، لدعم عمليات
إدارة الجفاف.
وألقت دراسة -نشرتها دورية
"ساينتفك ريبورتس"- نظرةً على مؤشر الجفاف المركب (CDI)، الذي يستهدف مراقبة
الجفاف الزراعي والبيئي على مدار السنة، اعتمادًا على بيانات الاستشعار عن بُعد
والنمذجة، لعرض الغطاء النباتي ورطوبة التربة والتبخر، بالإضافة إلى الانحرافات في
هطول الأمطار.
يقول
كريم البرقاوي، الخبير في نمذجة المناخ والمياه وأنظمة الإنذار المبكر بالجفاف
بالمعهد الدولي لإدارة المياه، وقائد فريق البحث: "من خلال تطوير مؤشر الجفاف
المركب قمنا بتنسيق جهود رصد الجفاف وإدارته، كما تأكدنا من أن الوكالات الوطنية
يمكن أن تقوم بذلك بشكل مستقل ومنتظم".
رصد
شامل
يُوضح
"البرقاوي" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست" أن المؤشر -عبر
دمج البيانات الموثوقة المُستندة إلى الاستشعار عن بُعد والبيانات النموذجية- "يقدم
تصويرًا شاملًا مكانيًّا وزمانيًّا لتأثيرات الجفاف على دورة المياه، فهو يرصد
الاختلافات في المؤشرات الرئيسية، مثل هطول الأمطار، ورطوبة التربة، والتبخر،
والغطاء النباتي على أساس شهري، ما يُوفر نظرة شاملة حول تأثيرات الجفاف الزراعي
والهيدرولوجي على المستوى الوطني".
وبعد
التقييم والتحقق من صحة النتائج، وبالتعاون مع صانعي السياسات ومراجعة القدرات
والقيود الفنية والمؤسسية، تم تعديل بيانات مدخلات المؤشر وإجراءات النمذجة لتكييف
النظام مع كل سياق وطني، مما يضمن دقة النتائج وصحتها، وزيادة القدرة على تحليل
تأثيرات الجفاف وفهمها، وتطبيق السياسات بفاعلية، وفق الدراسة.
نتائج
رئيسية
وبعد
استخدام المؤشر في رصد الجفاف عمليًّا، ظهرت مجموعة من النتائج على المستويين الوطني
والإقليمي، منها تعزيز عملية صنع القرار، وتحسين الاستعداد والاستجابة وتخصيص
الموارد، فعلى سبيل المثال، تم صرف تعويضات للمزارعين في محافظة الطفيلة الأردنية
بناءً على تحليلات الجفاف لعامي 2020-2021.
يضيف
"البرقاوي": شجع المؤشر على إقامة شراكات غير مسبوقة بين الوكالات
الحكومية ومؤسسات البحث وأصحاب المصلحة، وعزز تنسيق جهود رصد الجفاف وإدارته، ففي
تونس شاركت أكثر من ست مؤسسات في تعزيز نتائج المؤشر عبر مناطق زراعية متنوعة،
وأُنشئت وحدة وطنية في الأردن لتحليل خرائط الجفاف التي يصدرها المؤشر، وشُكّل في
المغرب فريق متخصص لتحسين دقة خرائط المؤشر.
من
جهته، أوضح محمد داود -مستشار الموارد المائية بهيئة البيئة– أبو ظبي، والأستاذ
بالمركز القومي لبحوث المياه في مصر- لـ"نيتشر ميدل إيست" أن منطقة
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعاني من شح المياه لوقوعها في حزام المناطق الجافة
وشديدة الجفاف، ويؤثر الجفاف سلبًا على إنتاجها الزراعي، "فاعتماد المؤشر
الجديد الكامل على أجهزة الاستشعار عن بُعد عبر الأقمار الصناعية والبيانات
النموذجية يمنحه مرونة في التعامل مع نظم الحوسبة والنمذجة"، وفق داود.
ويضيف:
أظهرت النتائج آثارًا إيجابيةً كبيرةً على مخرجات مؤشرات التنمية المجتمعية، وخاصةً
فيما يتعلق بالتنمية المستدامة، بالإضافة إلى زيادة الدقة الزمانية والمكانية مقارنةً
بالمؤشرات التقليدية.
تواصل معنا: