إماطة اللثام عن الآلية الكامنة وراء البلورات القافزة
نشرت بتاريخ 4 سبتمبر 2014
يكشف الباحثون كيف يمكن لبعض البلورات أن تقفز لمسافات بعيدة عند تعريضها للأشعة فوق البنفسجية، مما قد يمهد الطريق أمام المحركات المشغّلة بالضوء بدلا من الكهرباء.
يوسف منصور
كشف العلماء عن الآلية الكامنة وراء الانفجار الشديد لبلورة مفردة عند تعرضها للأشعة فوق البنفسجية.
في أثناء عمله على بلورات مفردة من معقدات تنسيق معدن الزنك، وجد راغافندر ميديشيتي -في جامعة سنغافورة الوطنية- أن البلورات تقفز إلى ارتفاعات تعادل عدة أضعاف حجمها عندما تتعرض للأشعة فوق البنفسجية، فيما يشبه تقافز حبات الذرة عند تعرضها لدرجات حرارة عالية، وهي ظاهرة تعرف باسم تأثير التقافز الضوئي.
يعود أول عرض لظاهرة البلورات القافزة إلى عام 1983، عندما ذكر بحث أن البلورات تقفز تجاوبًا مع التحفيز الحراري. وقد عُدَّ هذا الاستنتاج تحديًا للنظرة التقليدية للبلورات المفردة باعتبارها أجسامًا جامدة، وكان دليلاً على مفهوم إمكانية إنتاجها لأعمال ميكانيكية كاستجابة للمؤثرات الخارجية. منذ ذلك الحين، جرى الإبلاغ عن حالات قليلة من "قفز البلورات" المُحدَث بسبب الضوء والحرارة، ولكنها "لم يسبق أن فُسِّرت من قبل" استنادًا إلى بانس نوموف، الكيميائي في جامعة نيويورك أبو ظبي.
"يمكن تطبيق هذه المواد في مجموعة متنوعة من العناصر الديناميكية وأجهزة التشغيل، بما فيها أجهزة التشخيص التي تعتمد نظام ’المختبر على رقاقة‘، الخاص بالموائع الدقيقة، وعلم الروبوتات اللينة، وفي تكنولوجيا الطباعة"، كما يضيف.
قام فريق جامعة سنغافورة الوطنية -الذي أشار إلى الحادث الأول المحرض بتأثير التفاعل الضوئي الكيميائي في الحالة الصلبة- بضم جهوده إلى مجموعة نوموف وروبرت دينيبيير من معهد ماكس بلانك لبحوث الحالة الصلبة. وقد استخدموا معًا المجهر الضوئي ومسحوق حيود الأشعة السينية للتوصل إلى آلية التفاعل الأساسية، ونشروا نتائجها في Angewandte Chemie.
"تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن تأثير التقافز الضوئي عملية من خطوتين"، يشرح نوموف. "في الخطوة الأولى، تراكمت كمية مهمة من الجهد ضمن البلورات نتيجة لتفاعل كيميائي ضوئي، حيث يتحول جزء من الكريستال إلى منتجات".
عندما نصل إلى حالة عدم الثبات الموضعي، إما نتيجة لخلل في البنية أو نتيجة لتطبيق ضغط خارجي كالأشعة فوق البنفسجية، يبدأ تغير الطور وينتشر بسرعة على امتداد البلورة. "إن الضغط الذي يولده هذا التغيير يسبب انفجار الكريستال إلى قطع، تتطاير حاملة معظم الطاقة المرنة مثل الطاقة الحركية"، كما يقول نوموف.
"تشكل هذه الدراسة عرضًا ممتازًا للإمكانات غير المستغَلَّة لتفاعلية الحالة العضوية الصلبة تجاه علم المواد"، يقول ليونارد مكغيليفراي، أستاذ الكيمياء فوق الجزيئية في جامعة آيوا، الذي لم يكن مشاركًا في الدراسة. "على الرغم من اعتبار أن الضغط الميكانيكي عمومًا يتراكم في مواد كهذه، فإن مقايسة الملحوظات شكلت تحديًا".
قد تحلّ المحركات المشغّلة بالضوء يومًا ما محلّ المحركات التقليدية التي تعمل بالكهرباء أو الطاقة الهيدروليكية. "إننا نعتقد أن المسار الذي وضعناه مع اكتشاف هذه الظاهرة والعرض الأخير للتطبيق العام لهذه المواد قد وضع إثباتًا لمفهوم استخدام المواد الجزيئية لتحويل الطاقة البديلة" وفق قول نوموف.
وفي الوقت الحالي، يسعى الباحثون لإيجاد مواد أخرى من هذه الفئة، حيث لا تتفكك فيها البلورات مع حلول نهاية التفاعل.
إن توفر نظام يكون تحويل الطاقة الضوئية الكيميائية فيه إلى حركة ميكانيكية قابلاً للعكس أمر مهم للتطبيقات الصناعية المستقبلية، كما يشرح نوموف. "يمكن إعادة النظام إلى الحالة التي كان عليها، ليكون جاهزًا لبدء دورة جديدة، أي أنه يعمل بشكل فعال كمحوّل للطاقة".
"ومن الواضح أن هناك إمكانيات كبيرة في مواد كهذه لأداء العمل والإتيان بوظائف تشبه الوظائف الحركية. ومن المرجّح أن تكون الخطوة التالية المهمة هي التعرف أكثر على الجزيئات التي تدعم مثل هذه المواد وتنمِّي السيطرة على الحركة "، استنادًا إلى قول مكغيليفراي.
تواصل معنا: