أخبار

محكمو الأبحاث ينحازون إلى قبول الأوراق البحثية التي تستشهد بأبحاثهم

نشرت بتاريخ 14 سبتمبر 2025

مسودة بحثية تتصدى لدراسة تأثير الاستشهادات البحثية على تحكيم الأبحاث.

رايتشل فيلدهاوس

يشير تحليل الدراسة إلى أن طلب المحكمين الاستشهاد بأبحاث معينة بلا داع قد يضع مؤلفو الأوراق البحثية تحت ضغوط. 

يشير تحليل الدراسة إلى أن طلب المحكمين الاستشهاد بأبحاث معينة بلا داع قد يضع مؤلفو الأوراق البحثية تحت ضغوط. 
حقوق نشر الصورة: iStock/Getty

وفقًا لدراسة شملت 18,400 ورقة بحثية أوردتها أربع جهات نشر مفتوحة الوصول إليها، تزداد احتمالية قبول محكمو الأبحاث للمسودات البحثية إن كانت تستشهد في نسخ لاحقة منها بأعمالهم البحثية. نُشرت الدراسة التي لم تخضع بعد لمراجعة الأقران على الإنترنت كمسودة بحثية في وقت سابق من هذا الشهر1.

وكان ما حرك الدراسة هو إفادات شفهية من عدد من مؤلفي الأوراق البحثية الذين أدرجوا استشهادات بمقالات بحثية معينة في أوراقهم البحثية، ليس إلا لأن محكمي هذه الأوراق طلبوا منهم ذلك، بحسب آدريان بارنيت واضع الدراسة والمتخصص في مراجعات الأقران والأبحاث التجميعية من جامعة كوينزلاند للتقنية في مدينة بريسبن الأسترالية. وقد أضاف قائلًا في هذا الإطار أنه أحيانًا ما يكون طلب كذلك في محله، لكن إن طلب محكمو الأبحاث الإكثار من استشهادات بحثية معينة أو كان الاستشهاد بأبحاثهم غير مبرر، فقد تتحول عملية مراجعة الأقران إلى "نوع من الصفقات"، بتعبير بارنيت. فالاستشهادات البحثية ترفع مجموع درجات الباحث على «مؤشر هيرش» وهو مقياس لتقييم  تأثير الأعمال المنشورة للباحث.

وبوجه عام، تُعد المطالبة بإدراج استشهادات بحثية معينة في الأوراق البحثية بلا داع أو مسوغ ضربًا من فساد الممارسة البحثية ، يُعرف بـ"الاستشهاد القسري". وهنا، يوضح بالاش أتسِل عالم النفس المتخصص في الدراسات التجميعية من جامعة أوتفوش لوراند في بودابست بالمجر، أن الدراسة الأخيرة محل النظر ليست الأولى في استقصاء ظاهرة طلب محكمي الأبحاث الاستشهاد بأوراقهم البحثية، إلا أن عدد مراجعات الأقران التي شملتها ومستوى تحليلها لهذه الظاهرة غير مسبوقين. وحسبما يضيف، يُعد ضَعف مشاركة جهات النشر للبيانات في هذا الإطار مما يُعرقل دراسة الظاهرة.

دور الاستشهادات البحثية في اعتماد الأوراق البحثية

نظرت المسودة البحثية في الأوراق البحثية المنشورة على أربع منصات نشر هي «إف 1000 ريسيرش» F1000Research، و«ويلكم أوبن ريسيرش» Wellcome Open Research، و«جيتس أوبن ريسيرش»، و«أوبن ريسيرش يوروب» Open Research Europe، وهي منصات تتيح علنًا جميع نُسخ الأوراق البحثية التي تنشرها وتعليقات محكمي هذه النسخ. وتطلب من المحكمين قبول الأوراق البحثية أو رفضها أو قبولها مع بعض التحفظات. كما تطلب إلى محكمي هذه الأوراق البحثية تقديم تفسير لما إذا طلبوا الاستشهاد بأبحاثهم في ما يراجعونه من.أوراق بحثية. وفي 37 ألف مراجعة بحثية مدرجة على هذه المنصات، كان لكل ورقة بحثية مُحكمين على الأقل، وقد اعتمد 54% من هؤلاء المحكمين الأوراق البحثية من دون تغيير ورفضها 8% منهم. وفي حوالي 5 آلاف ورقة بحثية روجعت على المنصات، جرى الاستشهاد بالأعمال البحثية لأحد محكمي الورقة، وطُلب الاستشهاد بالأعمال البحثية لمحكم لها في حوالي 2300 مراجعة.

وقد وجد تحليل الدراسة أنه زادت احتمالية قبول المحكمين للأوراق البحثية التي تستشهد بأبحاثهم بعد المراجعة الأولى، مقارنة بمن لا يجري الاستشهاد بأبحاثهم.

غير أن المُحكمين الذين يقترحون إدراج أعمالهم البحثية ضمن الاستشهادات البحثية في الأوراق التي يتولون تحكيمها كانت احتمالية قبولهم للأوراق البحثية أقل بمقدار النصف من احتمالية رفضهم لها أو قبولها بتحفظات. وفي أكثر من 400 مراجعة لأوراق بحثية، لم يجر الاستشهاد في النسخة الأولى منها بأعمال المُحكمين وطلب المحكمون في أثناء مراجعتها الاستشهاد بأعمالهم البحثية، أوصى 92% من المحكمين بقبول الورقة البحثية عندما لُبي طلبهم وجرى الاستشهاد بأبحاثهم في النسخة الثانية من الورقة، في حين بلغت نسبة المحكمين الذين أوصوا بقبول الورقة البحثية رغم عدم الاستشهاد بأعمالهم في النسخة الثانية منها 76% فقط.

وكما يشير بارنيت، يدرك كل من المؤلفين والمحكمين أنه عند رفض محكم لورقة بحثية ما، فمن المحتمل تقييمه لأي نسخة منقحة لاحقة منها. لذا، قد يميل مؤلفو الأوراق البحثية لما يجعل ورقتهم البحثية أقل عرضة لرفضها، ويدرجون الاستشهادات البحثية للمحكم سعيًا إلى اعتمادها.

تعليقات المحكمين

حلل بارنيت أيضَا تعليقات 2700 من محكمي الأوراق البحثية ووقف على أكثر 100 كلمة تكرر ظهورها في تعليقاتهم. ووجد أن المحكمين الذين طلبوا الاستشهاد بأعمالهم البحثية كانوا أميل إلى استخدام عبارات مثل "تحتاج هذه الورقة البحثية" أو "يُرجى" في تعليقاتهم عند رفض الأوراق البحثية، وهو ما يدل على استخدام لهجة إكراه.

أما جان فيلد، الباحث المتخصص في الدراسات التجميعية من جامعة فيكتوريا في ويلينجتون بنيوزيلندا، فلا يرى أن هذه اللهجة تحمل ما يدل على الإكراه. ويقول إن زعمًا كهذا "يبدو ضربًا من المغالاة". فثمة تفسيرات أخرى لرفض المحكمين للأوراق البحثية بخلاف رفض المؤلف الاستشهاد بالأعمال البحثية للمحكم. ولا يشك في أن محكمي الأبحاث يطلبون إدراج استشهادات بحثية بعينها دون مسوغ، بل ويرى أنه يحق لهم التوصية باستشهادات بحثية معينة، من بينها الاستشهادات البحثية بأعمالهم لعلاج مواطن قصور وقفوا عليها في الورقة البحثية. ويضيف أنه بعد تقديم توصياته لن يملك إلا رفض التوصية بنشر الورقة البحثية إذا لم تُنقح وظلت لديه مخاوف بشأنها.

في ذلك السياق، يقر بارنيت بأن الدراسة لا تميز بين ما يستند إلى مبرر وما لا يستند إليه في المطالب بإدراج استشهادات بحثية بعينها.

حلول

للحد من طلب المحكمين إدراج استشهادات بحثية بعينها بلا مسوغ في ما يراجعونه من أوراق بحثية، يقترح بارنيت أن يدلي المحكمون بآرائهم والسبب وراءها عند التوصية بالاستشهاد بأعمالهم البحثية في ما يراجعونه من مؤلفات بحثية. كذلك تُعد الاستعانة بخوارزمية تخدم في رصد مثل هذه المطالب وفي تنبيه محرري الدوريات بشأنها، ليتحروا المسوغات وراء الاستشهادات البحثية، من الحلول لهذه المشكلة.

ويقول فيلد إن اضطلاع محرري الدوريات بدور رقابي أكبر قد يسهم في رصد الحالات "الصارخة" التي تأتي فيها مثل هذه المطالب بلا مسوغ، وإن كان الغموض يحيط بالأسباب وراءها في أغلب الحالات.  فيقول إن المحكمين، رغم قدرتهم على اقتراح الاستشهاد بأبحاث آخرين، قد يُفضلون اقتراح الاستشهاد بأبحاثهم هم، نظرًا لإلمامهم العميق بها مقارنةً بغيرها من الأبحاث.

ويقول متحدث باسم «إف 1000 ريسيرش»، وهي جهة نشر من بين منصات النشر التي تناولتها الدراسة، إن تحليل الدراسة يثير تساؤلات حول "سلوك المحكمين تسترعي إخضاع هذا السلوك لمزيد من الدراسة والنظر من قبل المجتمع الأكاديمي". على أن جهة النشر أضافت، بناء ما أقرت به المسودة البحثية للدراسة، أنه ليس هناك ما يدل على أن فساد الممارسات البحثية بين المحكمين أكثر شيوعًا على منصتها منه على المنصات الأخرى.  وأضافت جهة النشر أن نشر تعليقات وآراء المحكمين يُتوقع أن يثني العديد منهم عن طلب إدراج استشهادات بحثية في غير محلها.

هذه ترجمة المقال الإنجليزي المنشور في دورية Nature بتاريخ 21 أغسطس عام 2025.

doi:10.1038/nmiddleeast.2025.156


  1. Barnett, A. Preprint at OSF Preprints https://doi.org/10.31219/osf.io/wdvr9_v1 (2025).