فيزياء الكم تخرج إلى العالم المرئي
12 October 2025
نشرت بتاريخ 9 أكتوبر 2025
صورة الجزيئات الساحرة قادت ياغي إلى حصد المياه من الصحراء وجائزة نوبل في الكيمياء
Enlarge image
برز اسم عمر مؤنس ياغي ضمن ثلاثة أسماء حصل أصحابها على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2025، عن ابتكارهم تقنية الهياكل الفلزية العضوية القادرة على احتجاز واختزان مواد مثل ثاني أكسيد الكربون، وحصد المياه من هواء الصحراء.
وُلد ياغي في عمان بالأردن سنة 1965، لعائلة فلسطينية نزحت إلى العاصمة الأردنية سنة 1948. هناك وقع لأول مرة في حب الكيمياء وهو في عمر العاشرة. في أحد أيام الدراسة، تسلل ياغي أثناء استراحة الغداء إلى المكتبة، حيث وقعت بين يديه رسومات لجزيئات بدت له جميلة وغامضة، فتولد في داخله شعور لم يفهمه آنذلك، لكنه سيعرف لاحقًا كما يروي "أن هذه الصورة الأخاذة تمثل العالم وراء المواد، والعالم الذي نراه".
في كلمة ألقاها أثناء تسلمه جائزة الملك فيصل في العلوم لعام 2015، قال ياغي: "لقد عشقت الكيمياء منذ سن العاشرة وأنا في الأردن، وإنني سعيد لنجاحي في ابتكار طرق جديدة لوضع الجزيئات سويًا لبناء تراكيب مختلفة، مما أدى لاكتشاف مواد جديدة".
تحول شغف ياغي إلى مسار علمي واضح عندما انتقل إلى الولايات المتحدة في عمر الخامسة عشر ليستكمل دراسته. حصل على درجة البكالوريوس من جامعة ولاية نيويورك، ثم على درجة الدكتوراه في الكيمياء من جامعة إلينوي أوربانا – شامبين عام 1990، قبل أن يعمل زميلًا لما بعد الدكتوراه ضمن برنامج مؤسسة العلوم الوطنية، بجامعة هارفارد في مطلع التسعينيات. تدرج ياغي في مسيرته الأكاديمية حتى أصبح أستاذ كرسي جيمس ونيلتي تريتر للكيمياء في جامعة كاليفورنيا، بيركلي منذ 2012.
أثناء دراسته لما بعد الدكتوراه، ظلت صورة الجزيئات والأسئلة خلفها حاضرة في ذهن ياغي، ودفعته إلى إعادة التفكير في الطرق التقليدية لصناعة المواد. كان يتساءل عن سر اقتصار عملية تصنيع الجزيئات بطريقة "الرج والخبز"، - أي خلط المكونات وتسخينها، وترك الباقي للديناميكا الحرارية- ولماذا لا يمكن ربط الجزيئات ببعضها البعض كما لو كانت قطع بناء صغيرة. كانت تلك الفكرة البذرة لما سيُطلق عليه لاحقًا الكيمياء الشبكية.
يشار إلى ياغي في الأوساط العلمية كمؤسس لمجال الكيمياء الشبكية. وحصدت إسهاماته النظرية والتجريبية عددًا من الجوائز، إذ ساعدت في تطوير مواد جديدة مفيدة ذات استخدامات متعددة منها: تخزين الهيدروجين والميثان، واحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتحويله، وجمع المياه من هواء الصحراء، والتحفيز الكيميائي.
وتمثل مساهمات ياغي إضافة ذات أهمية بالغة لإنجازات كل من ريتشار روبنسون الذي كان أول من طرح فكرة عمل الهياكل الفلزية العضوية في ثمانينيات القرن الماضي، وسومو كيتاجوا الذي ابتكر منظومات هياكل فلزية عضوية، يُمكن ملؤها بالماء، وتتسم بدرجة من الاستقرار تحول دون اضطرابها حال تعرضها للجفاف لاحقًا، بما أهل الثلاثة إلى الفوز بجائزة نوبل في الكيمياء لهذا العام.
ويبرز اهتمام ياغي بتوجيه الباحثين الشباب من خلال إدارته لمركز معهد بيركلي العالمي للعلوم الذي أسسه من أجل المساعدة في بناء مراكز بحثية في الدول النامية وتوفير فرص للعلماء الشباب المحليين. ويركز المركز على ابتكار مواد جديدة تُسهم خصائصها ووظائفها في حل المشكلات المحلية والإقليمية. وقد أسس ياغي عددًا من مراكز الأبحاث في فيتنام وكوريا واليابان والأردن والمملكة العربية السعودية.
ونال ياغي العديد من الجوائز والتكريمات العلمية، من أبرزها جائزة الجمعية الكيميائية الأمريكية في كيمياء المواد (2009)، وجائزة الذكرى المئوية من الجمعية الملكية للكيمياء (2010)، وجائزة الملك فيصل العالمية في العلوم (2015)، وجائزة ألبرت أينشتاين العالمية للعلوم (2017). وفي عام 2006، كما جاء ترتيبه الثاني ضمن قائمة الكيميائيين الأكثر استشهادًا بأبحاثهم عالميًا بين عامي 2000 و2010، طبقًا لتقرير لمؤسسة طومسون رويترز سنة 2011.
يحمل ياغي الجنسية الأردنية والأمريكية بالإضافة إلى حصوله مؤخرًا على الجنسية السعودية.
doi:10.1038/nmiddleeast.2025.175
تواصل معنا: